الأعلانـــات
الدبلوماسية العامة اسلوب وقائي لمكافحة التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب
الدبلوماسية العامة اسلوب وقائي لمكافحة التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب

شهد طه الطائي
وزارة الخارجية

 
تمهيد
  في ظل التطورات التقنية المتسارعة لم تعد الجهود العسكرية نهجاً كافياً للحد من التطرف العنيف وتجنيد المتطرفين العنيفين وتعبئتهم لشن هجماتهم الشاذة ولا يمكن التنبؤ بها ومواجهتها وفق الصيغ التقليدية المتعارف عليها، لذا كان من المنطقي انتهاج نهج وقائي يُركز على جذور ودوافع المتطرفين العنيفين.
  وبناءا على ماتقدم أصبح من الواجب عدم تجاهل عمل الدبلوماسية العامة كأسلوب لمنع التطرف العنيف، كونها تعد احد اهم الادوات لضمان التقارب بين الانظمة الدولية لغرض التوصل الى تفاهم مشترك في مكافحة الارهاب والتطرف العنيف وفق التطورات المعاصرة ، ومن جانب اخر كونها تساهم بدوراً حيوياً في منع التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب. لان نهجها واليات عملها ترتكز معالجة الجذور والأسباب التي تدفع الأفراد إلى التطرف، بدلاً من الاكتفاء بمواجهة النتائج السلبية فقط
أن التعاون الدولي بصفة عامة يُعد أمر بالغ الاهمية في مكافحة التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب، لذلك على الدول أن تحافظ على تعاون وثيق مع شركائها الدوليين الاخرين ضد كل الاساليب والممارسات المتطرفة العنيفة التي تفضي بكل أشكالها الى الارهاب ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الدبلوماسية العامة توجه خطابها الى الخارج لمشاركتها والتشجيع باتجاه بناء القدرات لمعالجة هذه الازمة المتعددة الاوجه والمتبادلة من خلال حملات متعددة المسارات وذلك باستهداف المشاكل بشكل واضح وصريح من خلال تطبيق استخدام القوة الناعمة بدلاً من استراتيجيات القوة الصارمة.
آليات الدبلوماسية العامة في مواجهة التطرف العنيف:
   مايميز الدبلوماسية العامة هو آلية الاستماع التي عندما تستخدم بشكل صحيح قد تعمل على تعزيز المجتمعات المرنة التي تحافظ على مسافة آمنة من وباء التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب. اذ ان التنسيق بين الحكومات والتعاون بينها على المستوى الدولي أمر بالغ الأهمية لمكافحة التطرف العنيف. يمكن أن يتضمن ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق في تنفيذ السياسات، وتطوير استراتيجيات مشتركة. وينطبق الامر ذاته على الشراكات مع المنظمات الدولية حيث ان العمل معها مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات المجتمع المدني يمكن أن يعزز الجهود الرامية إلى منع التطرف. هذه الشراكات تتيح تبادل أفضل الممارسات والموارد وتوفير دعم إضافي.
أوجه الدبلوماسية العامة للحد من التطرف العنيف:
· القوة الناعمة : قد يتبادر الى الذهن ماهو مفهوم القوة الناعمة حيث قد عرفه جوزيف ناي بأنها القدرة على تشكيل رغبات الآخرين او القدرة على التأثير في سلوكهم دون استخدام القوة القسرية او الصارمة وهي في الواقع القدرة على تغيير مايفعله الاخرون والتأثير كذلك على سلوك الدولة في السياسة الدولية من خلال الدبلوماسية العامة وأصبحت تُقاس قدرة الدولة ليس فقط بالقوة والنفوذ ولكن أيضاُ بأحتواء استخدام القوة الصارمة،  وقد انبثق كمفهوم من تحديات القرن الحادي والعشرين. إذ تعمل القوة الناعمة على تحسين البيئة الامنية الخارجية من خلال توظيف القوة الناعمة غير المادية، حيث ان التحول الذي نشهده اليوم من التهديد التقليدي الى التهديد غير التقليدي يُجبر الدول على إيجاد اساليب وسياسات مكافحة الارهاب والتطرف العنيف المفضي اليه مُعتبرةً إياها سياسة أمنية ودبلوماسية عامة.
·   تتيح الدبلوماسية العامة فرصاً للحوار بين الثقافات المختلفة، مما يقلل من التوترات وسوء الفهم الذي يمكن أن يؤدي إلى التطرف.
·  تحسين صورة الدول: حيث ان الدول التي تستثمر في الدبلوماسية العامة تُحسِّن من صورتها على الساحة الدولية، مما يعزز من قدرتها على بناء تحالفات وشراكات قوية لمجابهة التحديات والتي اصبح الارهاب والتطرف العنيف المؤدي اليه اخطرها.
التحديات والفرص التي تواجه الدبلوماسية العامة في مواجهة التطرف العنيف:
اولا: التحديات
أ. المقاومة الثقافية: بعض المجتمعات قد تكون مترددة في قبول القيم والممارسات الجديدة التي تروج لها الدبلوماسية العامة.
ب. توفير الموارد: يحتاج تنفيذ برامج الدبلوماسية العامة الفعالة إلى موارد مالية وبشرية كبيرة.
ثانياً: الفرص
أ. التكنولوجيا: استخدام التكنولوجيا والابتكار في برامج الدبلوماسية العامة يمكن أن يزيد من فعاليتها ونطاق تأثيرها.
ب. الشراكات المتعددة: العمل مع مجموعة متنوعة من الشركاء، بما في ذلك القطاع الخاص والأكاديمي، يمكن أن يعزز الجهود ويخلق حلولاً مبتكرة.
 
الخاتمة
ختاما يمكن عد استخدام الدبلوماسية العامة في مكافحة التطرف العنيف نهجاً شاملاً يتطلب تعاوناً وتنسيقاً دولياً، واستثماراً في مجالات التعليم والتوعية والتبادل الثقافي ومن خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن بناء مجتمعات أكثر أماناً واستقراراً وقادرة على مقاومة تأثيرات التطرف العنيف ، ولكون التعاون الدولي أمر بالغ الاهمية لمكافحة التطرف العنيف المفضي الى الارهاب، فأن الدبلوماسية العامة هي الادارة الاكثر مركزية لضمان التعاون لتحقيق الهدف المشترك ، بالرغم من ان الدبلوماسية العامة ليست ممارسة جديدة، لا انها فقد أثبتت أهميتها في فترات الازمات وحتى في تحويل مسارات الحروب إلى سلام واستقرار اذ تعتمد على مفهوم القوة الناعمة، الذي يتعلق بممارسة التأثير بوسائل مقبولة وفاعلة .
2024-08-04 08:43 PM3242