الأعلانـــات
المقالات
سبل مكافحة العنف ضد المرأة
سبل مكافحة العنف ضد المرأة

م.ابتهال زيد علي 
جامعة بغداد / كلية العلوم السياسية 
                            
     العنف ضد المرأة له تاريخ طويل للغاية، ويعد احد أكثر انتهاكات حقوق الانسان انتشارا واستمرارا،على الرغم من أن حوادث وشدة هذا العنف قد تباينت مع مرور الوقت وحتى اليوم تختلف بين المجتمعات ، الا ان العنف ضد المرأة ظاهرة عامة لا علاقة لها بمجتمع محدد أو ثقافة ما، ولا يرتبط بطبقة اجتماعية بعينها. كما ان مصطلح العنف ضد المرأة يستخدم بشكل عام للاشارة الى اي افعال عنيفة تمارس بشكل متعمد أو بشكل استثنائي تجاه المرأة . ان هذا النوع من العنف يستند الى جنس الضحية  كدافع رئيسي وقد يكون جسمي أو نفسي. ويمكن تعريف العنف ضد المرأة بأنه السلوك العنيف الذي يقوم على أساس التعصب للجنس، اذ انه يمارس ضد المرأة، فيلحق الأذى النفسي والجسدي والجنسي بها ثم ان حرمان المرأة من حقوقها، والتحكم فيها، وتهديدها بأي طريقة كانت، افعال تعد من ممارسات العنف، ويعد انتهاك صريح لحقوق الانسان اذ انه يعيق حريتها، ويشكل عائقا يقف في وجه حصولها على حقوقها المشروعة والبديهية، فضلاً عن ان اثاره السلبية لا تقف عند المرأة فحسب، بل تنعكس بشكل سيئ وسلبي على المجتمع بأكمله بدءاً من الأسرة. ويعد العنف ضد المرأة  واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الانسان انتشارًا واستمرارًا وتدميرًا في عالمنا اليوم، ولم يزل مجهولا إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الافلات من العقاب والصمت والوصم بالعار. 
      وينص اعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة على ان "العنف ضد المرأة هو مظهر من مظاهر علاقات القوة غير المتكافئة تاريخيا بين الرجال والنساء، والعنف ضد المرأة هو إحدى الآليات الاجتماعية الحاسمة التي تضطر المرأة بموجبها إلى الخضوع بالمقارنة مع الرجل. وغالبًا ما ينظر الى هذا العنف على انه الية لاخضاع النساء، سواء في المجتمع بشكل عام أو في العلاقات الشخصية ، وقد ينشأ هذا العنف من شعور بالاستحقاق أو التفوق أو كره المرأة أو المواقف المماثلة في الجاني، أو بسبب طبيعته العنيفة، وخاصة ضد النساء.
     ان آثار العنف ضد المرأة ليست مقتصرة على المرأة، بل تتعداها لتصل إلى المجتمع بأكمله وتؤثر سلباً في مختلف جوانبه ، لذلك لا بد من التفكير الجدي في وضع حلول للتصدي لهذا العنف والحد منه ، و نستعرض فيما يلي بعضاً من الحلول " الحلول الاسرية والحلول المجتمعية" المقترحة للقضاء على العنف ضد المرأة : 
١-  التربية المنزلية : لما كانت تربية الطفل ونشأته من العوامل والاسباب المهمة في جعله عنيفاً، كان من المهم جداً الاهتمام بهذه التنشئة، واتباع الطرائق الحديثة في التربية، والابتعاد عن الافكار الجاهزة، والتقليد الاعمى، والاعراف التي تتعارض مع المنطق.و العمل على زيادة الوعي والثقافة في داخل الأسرة وبين جميع أفرادها من أجل القضاء على العنف ضد المرأة.العمل على توزيع المسؤوليات وتقسيم المهام بين الرجل والمرأة من أجل القيام بالواجبات المنزلية.و تشجيع الرجل على احترام شريكة حياته الزوجية حتى عند اختلاف الآراء ومحاولة فهم الاحتياجات لشريكة الحياة. 
٢- المناهج الدراسية ، لاكمال دور التربية المنزلية، واقتلاع المشكلة من الجذور، فإن من الضروري وضع مناهج دراسية، تتضمن برامج توضح مفهوم العنف وأخطاره وآثاره السلبية في المجتمع.
٣- العمل على تغيير الثقافة السائدة في المجتمع، ونشر  الوعي الاجتماعي و لا يحدث هذا بين ليلة وضحاها، بل تحقيقه يحتاج الى كثير من الجهد والعمل، بالترادف مع تحقيق الخطوتين السابقتين. ثم إنَّ على الدولة والمؤسسات والمنظمات الأهلية والمدنية في المجتمع، ورجال الدين، ووسائل الاعلام، توحيد الجهود في سبيل تحقيق ذلك، نظراً إلى تأثيرها الكبير والواسع في المجتمعات وفي الناس.
٤- وضع قوانين حامية للمرأة، وتفعيل عملها، ليس من المهم وضع القوانين فحسب، بل يجب أيضاً تنفيذها، وتعزيز دورها، حتى يمتنع المُعنِّف عن فعلته خوفاً من العقاب. وفي حال كانت هذه القوانين موجودة بالفعل، يجب إجراء تعديلات عليها.
٥- توعية المرأة دائماً ، ذلك ان جهل المرأة بحقوقها، وغياب التوعية اللازمة لها، من الاسباب الرئيسة لقبولها العنف ، لذلك يجب بذل جهود حثيثة لنشر الوعي بين النساء، وتهيئة الظروف المناسبة لاخذ حقوقهن، وليس معرفتها فحسب، اضافة الى اصدار القوانين
٦- عمل وتخصيص مشاريع للنساء ،لا يعني عدم حصول النساء على التعليم ان يجلسن من دون عمل، بل على الدولة أن تنشئ مشاريع خاصة للنساء، وذلك لمساعدتهن على التخلص من التبعية المالية للرجل.
٧- الرقابة الشديدة على وسائل الاعلام ، تلعب هذه الوسائل دوراً كبيراً في نشر مفاهيم خاطئة، وتعزيز افكار سلبية ضد المرأة ، لذلك على  الدولة  أن تكون حازمة في رقابتها، فلا تسمح بعرض أي شيء مهين للمرأة، أو محرض على العنف ضدها. العمل على نشر الوعي والثقافة بين أفراد المجتمع فيما يخص العنف ضد المرأة وأثاره وأضراره على حياة المرأة وعلى المجتمع بشكل عام ، من أجل القضاء على جميع أشكال وصور العنف ضد المرأة والعمل على دحض العادات والتقاليد الخاطئة التي تشجع على العنف ضد المرأة. 
٨-  محاولة الاستماع لتجارب النساء المعنفات والعمل على تلبية احتياجات النساء المعنفات. و العمل على تدريب المرأة اقتصادياً وتعزيز قدرة المرأة على كسب المال، واعطاء المرأة الدعم النفسي والمجتمعي والاسري المناسب.
٩- العمل على تخصيص موارد ومبالغ وميزانيات مالية في الحكومات من أجل القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة.وذلك  لتعويض المعنفات والعمل على ايجاد نهج وطرق وقائية وقانونية واجتماعية وسياسية وثقافية وإدارية تعزز وتقوي نهج حماية المرأة من العنف.
١٠-  تشجيع المرأة والأسرة في التبليغ عن أي شكل أو صورة من أشكال وصور العنف ضد المرأة.و منع أي ممارسة لأي شكل من أشكال العنف ضد المرأة ومحاسبة ومعاقبة كل من يمارس أي شكل من أشكال العنف ضد المرأة عن طريق التشريعات القانونية  المحلية و الدولية .و يجب على الدول كافة المصادقة والموافقة على اتفاقيات التخلص والقضاء على جميع اشكال العنف ضد المرأة.
١١- العمل على تشجيع دور ومكانة المرأة في المشاركة السياسية ومشاركة المرأة في عملية التنمية الإقتصادية.
  ١٢- ضرورة التسلح بالوعي لمحاربة هذه الظاهرة، و على المرأة أن تحصن نفسها بالعلم والثقافة والعمل، لانها بهذه الطريقة  تؤمن سلاحاً فعالًا يحميها. فلا بد للمرأة من تعلم رفض الظلم، وهذا ليس واجبها وحدها، بل على الدولة أن تؤمن لها كل سبل المساعدة والحماية. 
١٣- التأكيد على عمل الحكومات على الاهتمام بمجال التعليم من اجل تغيير وتعديل سلوكيات اجتماعية وثقافية والتقليل أو التخلص من اشكال العنف ضد المرأة.
2023-12-08 11:21 PM13468