الأعلانـــات
دور المؤسسات التعليمية في نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي في المجتمع (الجامعات انموذجاً)
دور المؤسسات التعليمية في نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي في المجتمع (الجامعات انموذجاً)
                                                                 
  أ.د. عمر جمعة عمران 
رئيس الجمعية العراقية للعلوم السياسية

    لاجدال اليوم حول أهمية مؤسسات التعليم في حياة الإنسان والمجتمع ،ليس بأعتباره التعليم حقاً أساسياً من حقوق الإنسان فحسب وإنما كذلك الى دوره في نمو المجتمعات وتطورها من خلال قدرة المؤسسات التعليمية على غرس وتنمية الكثير من القيم الاجتماعية التي تساهم في تشكيل اتجاهات الأفراد ومواقفهم وقيمهم تجاه بناء اجتماعي سليم ومتطور .
    ويعد (جون ديوي) من الرواد الأوائل الذين تحدث عن دور هذه المؤسسات في تنشئة سليمة للشباب تمكنهم من أنشاء مجتمع متماسك موحد يخلو من العيوب والنقائص وتؤدي بالنتيجة الى التناغم والأنسجام بين أفراده فتصبح بمثابة ممررات نحو الألتزام بمعايير الجماعة وتجنب الصراعات والنزاعات الداخلية .
    ووفقاً لهذه الرؤية أخذ الأهتمام يزداد ولاسيما في السنوات الأخيرة بوضع الجامعات ودورها الثقافي في المجتمع وبالسياسات والأساليب والوسائل التي يمكن ان تستعين بها لتأخذ بالاسلوب الشامل للحياة بما فيها الأنساق القيمية والسلوكية المتعلقة بثقافة السلام والتعايش السلمي ونبذ العنف وأحترام حقوق الأنسان والحوار وقبول الأخر وحماية التنوع الثقافي ... الخ . وذلك لان ثقافة السلام تتضمن قيم ومواقف وسلوكيات متنوعة نحو التفاعل الأجتماعي والمشاركة التي تستند الى مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتضامن وكافة حقوق الأنسان التي ترفض العنف والحروب والصراعات وبالتالي تهدف الى معالجة أسبابها من خلال الحوار وزرعها في عقول الشباب بما يؤدي الى تنمية المجتمع , اذ ان ترسيخ هذه المفاهيم ستقود الى تدعيم التنمية لانها تساهم في تحقيق الأستقرار وتوجيه الموارد بأتجاه التنمية مقارنة بالمصروفات الهائلة التي تنفق على الترويج للحروب والنزاعات والعنف . 
     لقد بدأت الحركة العالمية من أجل ثقافة السلام تسير بأتجاه تعزيز هذه القيم المتصلة بالديمقراطية وأستطاعت في عام (1998) ان تصدر عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة العقد الدولي من أجل ثقافة السلام وتجنب العنف وكذلك برنامج العمل من أجل ثقافة السلام عام (1999) بوصفها قيمة من قيم المجتمعات الديمقراطية وهي لاتتعايش في أجواء النظم الدكتاتورية والشمولية ، فهي مرادفة للثقافة الديمقراطية وهي عملية تربوية تقوم على أسس نفسية وإجتماعية متفاعلة بصورة شعورية ولاشعورية .
وتقدم المؤسسات التعليمية مالديها من خبرات وأنماط لكل ما ينهله الفرد من خبرات وقيم إجتماعية ليتمكن من خلالها أستحصال طرائق التفكير والشعور والسلوك الذي يمكن من المشاركة الفاعلة في المجتمع إضافة الى نقلها من جيل الى جيل إخر فالتعليم يساعد على بناء المعارف والقيم ويترجمها الى سلوكيات في حياته اليومية وكذلك يشجع على أستخدامها كأطار مرجعي في علاقات الفرد مع الأخرين وبالتالي يتم تعزيز السلم والوئام الأجتماعي وأحترام حقوق الجميع .
     اي بمعنى ان للمؤسسات التعليمية وظيفة أساسية في هذا المجال هي تعريف الافراد بالمفاهيم المتعلقة بالمجتمع وتعزيزها سلوكياً اي يتصرف وفقاً لها اذ يستطيع المتلقي من المؤسسات التعليمية من العمل على الوقاية من العنف وبناء السلام ومنع وقوع النزاعات سواء كانت ظاهرة ام كامنة وخلق الظروف المؤدية الى إحلال السلام .كما ان التركيز على دور المؤسسة التعليمية بعدها نسق ثقافي واجتماعي يرتبط بباقي الأنساق الأجتماعية في المجتمع يأتي من دورها في تقديم المساعدة على حل المشاكل والمشاركة فيه وتنشئة أبنائها وتشكيل قيمهم والمحافظة على كيان المجتمع بين باقي المجتمعات .
     واستنادا الى ماتقدم يمكن التطرق الى دور الجامعات العراقية وتجربتها في تطور ثقافة السلام والتعايش السلمي وفق مبادرتها في تطوير برنامج المناهج المناسبة والبحث في موضوعات ثقافة السلم ونبذ العنف من زاوية ان عد المناهج الدراسية أحد أهم مفاصل العملية التعليمية والمرأة العاكسة لفلسفة التعليم في الجوانب المعرفية والسلوكية .
اذ منذ عام 2003 وفي إطار اعتماد بنية الدولة العراقية النمط الديمقراطي في الحكم والأبتعاد عن نمط الحكم التسلطي بكل أبعاده ، اضحت المؤسسات التعليمية ولاسيما الجامعات تكرس نشاطاتها وتعاليمها بما يصب في خدمة هذه الأهداف بهدف توعية المجتمع وأبعاده عن أساليب التعصب والأنغلاق والعسكرة والعنف والتي سادت في حقبة النظام الشمولي الذي ساد في الفترات التي سبقت عام 2003م ولذلك ساهمت الجامعات بمجموعة بادرات في هذا السياق لعل اهمها :
2024-02-02 06:40 PM1440