الأعلانـــات
اسس التحليل السياسي وابعاده في نظرية النظم السياسية
ا
اسس التحليل السياسي وابعاده في نظرية النظم السياسية
(دراسة في اسهامات الانثروبولوجيا السياسية) 
 
 
أ.د. عمر جمعة عمران 
استاذ النظم السياسية / جامعة بغداد
رئيس الجمعية العراقية للعلوم السياسية
 
المستخلص
الدراسة هي محاولة لبيان الاسس المنهجية للتحليل السياسي في نظرية النظم السياسية وتفسير جوانب من حركتها واشكالياتها ، من خلال الاستعانة بالجهود العلمية والاسس النظرية للانثروبوجيا السياسية في دراساتها المتعلقة بالمشاكل التي تواجهها المجتمعات ضمن سياق تطورها السياسي ،لاسيما وان القضايا التي تبحثها الانثروبوجيا السياسية قد فرضت نفسها على مجمل النظم السياسية بغض النظر عن درجة تطورها الاقتصادي والاجتماعي فكل مجتمع يواجه هذه القضايا باشكال مختلفة وفقا لظروفه وثقافته.
المقدمة
يستند علم السياسة على دراسة المبادئ والنشاطات التي تتعلق بتنظم العلاقة داخل المجتمع السياسي وفي علاقته بالمجتمعات الاخرى ، فهو نشاط انساني يعنى بتنظيم المجتمع وتحقيق وحدته واستقراره، لذلك يعد النظام الشرط الاساس لاحتواء النشاطات المتداخلة والمتفاعلة من اجل تماسك المجتمع السياسي وديمومته ، بمعنى ان وظيفة النظام السياسي هي ادارة موارد المجتمع استناداً إلى سلطة مخوله له لتحقيق الصالح العام عن طريق سن وتفعيل السياسات، ووفق هذه الرؤية اصبحت السياسة نشاطاً ضرورياً لازدهار المجتمع وتعزيز وجود الانسان كونها تتبع خواص الانسان الاجتماعي. ان الظاهرة السياسية تتعامل مع الظاهرة الاجتماعية، والتعامل مع الظاهرة الاجتماعية  يعني تعامل مع سنن الواقع الاجتماعي بكل تفاصيله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبذلك فان التحليل السياسي يستهدف الوصول إلى فهم وإدراك أفضل خيارات التعامل مع الوقائع والظواهر والأحداث المتصلة بالعالم الذي يعيش فيه الأفراد ويتعاملون ويتأثرون معه في أي شكل من أشكال التعامل والتفاعل السياسي، فالدولة والقدرة والسلطة والتوزيع السلطوي للقيم عوامل مرتبطة بوجود الانسان وهو محورها جميعا. ومن هنا فان غاية الدراسة تتعلق بمحاولة بيان الاسس المنهجية للتحليل السياسي في النظم السياسية وتفسير جوانب من حركته واشكالياته ،من خلال الاستعانة بالجهود العلمية والاسس النظرية للانثروبوجيا السياسية في دراساتها المتعلقة بالمشاكل التي تواجهها المجتمعات ضمن سياق تطورها السياسي ،لاسيما وان القضايا التي تبحثها الانثروبوجيا السياسية قد اخذت تفرض نفسها على مجمل تفاعلات النظم السياسية بغض النظر عن درجة تطورها الاقتصادي والاجتماعي فكل مجتمع يواجه هذه القضايا باشكال مختلفة وفقا لظروفه وثقافته. فقد غدا التحليل السياسي موضوع دراسة علمية دقيقة ترتكز على منهجية تطورت تاريخيا واخذت تخضع لقوانين ونماذج معرفية وعلمية غايتها اكتشاف الحقائق والتنبؤ بمستقبلها .كما ان ارتباط التحليل السياسي بالمنهج العلمي التجريبي وتغير مركز الاهتمام ومحور الدراسات السياسية تبعا لتغير مناهج التحليل ، لم يغير علاقة السلطة بالبنى الاساسية التي تقدم لها ركيزتها الاولى وبنماذج التدرج الاجتماعي التي تجعل هذه العلاقة ضرورية لمختلف النظم السياسية ، بل فرضت نفسها في التحليل السياسي لاكتشاف ودراسة مختلف الممارسات التي تحكم عملية التفاعل داخل المجتمع وهذا ما اعطى قيمة للانثروبولوجيا في المجال السياسي بوصفها تعنى بدراسة النظريات التي تتعلق بطبيعة المجتمعات البشرية وبتحليل البناء ألإجتمــــاعي والوظيفة داخل إلنسق الى جانب التنظيم الشامل للمجتمع وفق مناهجها وطرقها في البحث العلمي. ان اهمية هذه الدراسة تتجسد بالإسهام الأساسي للتحليل السياسي للانثروبولوجيا الذي أخذ يشكل مشروع للمعرفة والتمكن العلمي من تنوع وغايات النظم السياسية وطريقة سير الحكم والتحولات والوظائف التي يؤديها في البنية الاجتماعية التي تستند على أعمال علمية تحليلية مشفوعة بنماذج نظرية وبمادة ميدانية تتركز على بيان المشكلات تعتري السلوك داخل المجال السياسي وبنية المجتمعات. لذلك ترتكز اشكالية البحث في امكانية رصد مضمون التحليل السياسي واهدافه ووظائفه وأهم مناهجه ، ليكون السؤال البحثي الرئيسي الذي تسعى الدراسة للإجابة عنه متمحوراً حول الدور الذي تلعبه الأنثروبولوجيا السياسية في مجال التحليل السياسي للنظم السياسية التي تخضع لإعتبارات تاريخية وسياسية وثقافية ودينية؟ وما هي أهم ادواتها ومفاهيمها في التحليل؟  وماهي مناهجها؟ وما الذي ستضيفه في حدود نماذجها النظرية التي تتعلق بتفسير الظواهر السياسية المتعلقة بالنظام السياسي وتفاعلاته؟ لذلك سعينا في بحثنا إلى إثبات فرضية تقوم على أساس الترابط بين مهمة وغايات التحليل السياسي واهتمامات التحليل الأنثروبولوجي في الحقل السياسي ومكانة الفرد في النظم السياسية. مرتكزين على المنهج الوصفي كمقترب أو مدخلاً مفسر لجوانب الموضوع المراد بحثه. 

المحورالاول: ماهية التحليل السياسي
  يأخذ مفهوم التحليل أبعاداً مختلفة تعود لاختلاف المجال الذي يعنى به والأغراض المبتغاة منه، فالتحليل مصطلح جامع ذو استعمالات متعددة ويشمل على مجالات واسعة من الأنشطة العلمية والمنهجية. والتحليل من الناحية اللغوية بصفة عامة ، هو حل العقدة وحلها حلاً، فتحها ونقضها فانحلت(1). أي بمعنى تفكيك الشيء وإرجاعه إلى أصوله، فالتحليل يعني التفكيك إلى المكونات الجزئية لمعرفة وبيان المكونات الداخلية والخارجية وبنية التفاعل بين هذين المكونين للوصول إلى نتيجة منطقية تعلل الظاهرة المراد تحليلها ومعرفة حركتها وتفاعلها .......... 

http://ipsa-iraq.org/?page=15
2024-08-15 11:13 PM1088